اناس حولنا يعيشون حياتهم "كما نراها نحن" بصورة طبيعية الا ان ما لا يرى هو الاهم . احاسيس ومشاعر وحتى دموع مخفية ومغلفة داخل جدران الذات يصعب على اصحابها تداولها ونشرها نتيجة خوف او جهل: والنتيجة اسوار عالية وسدود منيعة معرضة للانفجار في اي وقت.
قد يقول قائل: "كل واحد حر بحاله" ولكن ما حذر منه باحثون واطباء مختصون في مباحث علم النفس والصحة والاجتماع من أن الأشخاص المعتادين على كبت مشاعرهم وعدم الافصاح عنها قد يدفعون ثمنا غاليا لهذا السكوت الذي قد يستحيل بين ليلة وضحاها الى بركان يدمر في لحظة ثوران حياتهم بل وحياة المحيطين بهم من اهل واحبة ومجتمع.
فالكبت واخفاء المشاعر الحقيقية للانسان وكما وصفه الاخصائيون سلاح يعمل في لحظة ما لا يمكن تصوره من قبل العقل البشري سيما وان هذا السلاح يضعف مع أسراف الفرد في الالتجاء إليه كحل لمشكلاته ورغباته وينتقل به إلى حالة المرض ومن ثم الوقوع في سلوكيات غير طبيعية.
وعرفت الاخصائية النفسية سهام جنيد وبحسب المعجم الموسوعي في علم النفس الكبت على انه "آلية دفاع للأنا تُطرح بواسطتها وتظل خارج ساحة الشعور عواطف ، وأفكار ، وذكريات ، مرتبطة بدافع غير مقبول.
واشارت الى ان الكبت هي محور نظرية المشتغلين بالتحليل النفساني عموما لان هذه الظاهرة اللاشعورية قد توقع الأنسان في الخطا أو الجريمة أو الأمراض النفسية ، اذا ما ظهر الشيء المكبوت فجأة .
وبينت ان الانسان يلجأ الى الكبت كوسيلة وقائية للمحافظة على توازنه النفسي ، تماما كالطفل الذي يفكر في العقوبات المتوقعة من الام او الاب لو انه فكر بأشياء غير مقبولة او مارس افعال لايرضاها الابوين حينها يلجأ الى الكبت خوفاً من العقاب.
واكدت جنيد ان الشخصية غير القادرة على ابداء مشاعرها وتعيش حالة من الكبت هي شخصية غير سليمة تحتاج الى علاج ، فهناك حالات يعيشها الانسان في حياته اليومية في حالة من التبدل والتغير من غضب وضيق وحزن وخوف وفرح وسرور وهي مشاعر لابد ان تظهر وتحترم باعتبارها ادوات يعبر بها الانسان عن وجوده وتفاعله مع الحياة.
وزادت اخصائية علم النفس ان احاديثنا اليومية تتداول فيها هذه الكلمة الا ان كثيرين لا يقفون عند هذه الكلمة فتكون بذلك مجرد كلمة عابرة في حياتنا مع أنها قنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار بعد تراكمات من الضغط النفسي والقهر المتواصل.